مجلة كاتب وناقد

Name:
Location: القاهرة, Egypt

لتتعرف عليّ اقرأني

Thursday, October 05, 2006

قصة قصيرة

الخطافة

انتظرت أوبتك باشتياق ، أيام طويلة تمضي وانا امني النفس أنني سألقاك ، لازلت معي بروحك ، وان كنت بعيدا ، تفرق بيننا المسافات الطويلة ، أترقب أنبائك ، أتلهف لسماع أخبارك وتمضي السنون وأنا أحيا على ذكراك المتوهجة في خاطري ، وفجأة وأنا احلم باللقاء رايتك الى جانبي ، اهرع الى لقيا ك ، لنحيي الأمل الذي مافتيء يعيش في قلبي ، نتبادل الذكريات ، أحاديث عذبة تدور بيننا ،،، ونحن نعيد حكايات الماضي التي لم تزل حية ، نتذكر اللقاء الاول حين كنا صغارا ، نلهو مع الزمان
- تراني واقفة ، انظر الى الكون بانبهار ، أتأمل الشمس بأشعتها الفضية الجميلة ، تعاجلني بقبلة سريعة ، تبتعد قليلا ، الحق بك ، أقف أمامك ، وكأن قطرات من المطر تصيب روحي فتنعشها
- ولكنك صغيرة بالنسبة لي
أقف متشبثة بفرحي ، ترى إصرارا يحيط بي ...
-الا زلت تقفزين فوق السطوح ؟ اذهبي الى سطح منزلك ، واقفزي الى السطح الثاني والثالث ثم الرابع والخامس ، ستجدينني أمامك
الدنيا لا تسعني من البهجة ، العالم كله طوع أناملي ، أنفذ توجيهاتك في التو ، اقفز الجدران الواطئة بين السطوح واصل الى سطحكم ، اجلس قربك منتشية ، اتطلع اليك بوله طفلة وإعجاب ، تأخذ شعري بيديك ، تضفره وتطلقه ، تشكل منه كرات صغيرة ، وانا مبهورة لان العالم في قبضتي تحدثني حديثا طويلا عن الناس والعالم يثير إعجابي وان كنت لا افقه منه شيئا ، ترسمني ، ترسم العينين اولا ، ثم الوجنتين والفم والعنق ، تكمل الوجه ، أي سعادة تغمرني بدفئها حينذاك ، كل ظهيرة من الصيف الخانق ، ينام أفراد الأسرة كلهم ، وبعد ان يستبد بهم النعاس أتسلق السطوح ، أمك وحدها تبقى معنا تغزل باستمرار ، وكأنها تحوك للناس أحلامهم ، يداها عجيبتان سريعتان ، وعيناها تتطلع بين الحين والآخر الينا وكلها ثقة أننا نحسن التصرف ، يطول بنا اللقاء ، نصنع طيارات ورقية ، نجري بالسطح ونطير الطيارة ، أنجمها بعيدة بعمق السماء ، توافق على طلبي وتصنع لك طيارة أخرى ، نشعل شمعة وهاجة في وسط الطيارة ، أراها خافقة في السماء ، فتصبح نجمة مضيئة في قلبي
امرأة ممتلئة في العقد الخامس من العمر ، تمسكني من الكتف ، ترجني وتأمرني
- أيتها السارقة ،، لقد خطفت مني حظي
- من تكونين أيتها المرأة ؟ أنا لا أعرفك ، ولم اخطف منك شيئا
الذكريات تتراءى ، نأتي عليها بلهفة
نمضي الى البستان ، تحملني ، تضعني فوق الشجرة ، وتذهب لتصنع لي باقة من ورد احمر تعرف إني اعشقه ، نتطلع الى عصفورين يتناجيان ، أتمناك قربي فوق الشجرة تصنع لي عشي
- هاتي حظي ، أيتها السارقة ، أعيدي لي ما سرقته مني ، هذا الرجل الذي بجانبك هو حظي
- لكنه جاء من اجلي ، هو حبيب طفولتي
- لا رجل لك ، انظري هنا ... أمامي اسمك ورسمك
- هذا الرجل لي
- لا رجل لك ,,,, قصص الحب عندك مبتورة منذ البداية ،،، انظري الى الرسوم هنا ،،، الرجل الذي تحبينه طوال عمرك ذهب عنك ونسيك ، والذي جاءك يسعى ، اجلس امرأة أخرى على ركبتيه في ليلتكما الثانية ، وتركك ترتعشين من الغم ، وهذا الذي بجانبك جاء إحياء للذكرى وليس من أجلك
نجري في الطرقات ، لا أحد بقربنا ، ننظر بفرحة طاغية الى أنفسنا ، أي قدرة على الابتهاج كنا نملك ذلك الحين ؟ أجزاء جسمي وروحي تشع سعادة ، كنت أقوى مخلوقة
- سأذهب لإكمال دراستي ، وأعود جديرا بك
يطول بك الغياب أشعر بالعجز لبعدك ـ تهجرني إرادتي ، وأصبح مشلولة أمام قوى تريد اختراقي
- هاتي حظي ، ولا تتشبثي
تعود من السفر وتهرع لرؤيتي ، واذا بك أمام مخلوقة أخرى ضعيفة مستسلمة
تتهمني أنني قد تدهورت وأنني لست من أحببتها ، اقسم أنني نفس المخلوقة ، لا تبالي بقسمي ، وتدعي انني لم اظهر فرحي بعودتك
- أعيدي لي ما خطفت
تأتيني عندما اشعر أنني قد أصابني الضعف واستولى على نفسي الخنوع
المراة تتطلع الي بإمعان ، تمد يدها ، تمسك يدك ،تذهب معها طائعا ، ابقى وحدي ، تلتفت لي :
- فرصة أخيرة لك ، انه بعيد ويهواك ، اطلعي البحار من اجله ، وحين تصلين إليه تعيشين ثلاثة أيام في الجنة ثم يتركك الى العالم الآخر

صبيحة شبر